Pages

Friday, March 15, 2013

قراءات بين السطور

ذات الوجه الصبوح – منى الشيمي

كانت الابتسامة لا تفارق شفتس جارتنا في الشقة المقابلة. تخرج على الحياة بإقبال يفتقده أهل الحي جميعهم، و قبل انبلاج الصبح بقليل، تعود مرهقة، لكنها سعيدة، سعيدة غامضة. كان أبي يحذرنا من التعامل معها، ويمنع لؤي من اللعب بين الشقتين. يعنف أمي إذا عرف مصادفة أنها استعارت شيئاً منها، أو حتى بادلتها الابتسام.
***
كانت جارتنا ذات الوجه الصبوح، على الرغم مما يقال عن عملها في مقهى يقدم المشروبات للأشرار، وعن تغييبها طيلة الليل، وعن ملابسها فاقعة الألوان.
***
حتى ظروفها التي لا دخل لها فيها، صارت محل انتقاد الجميع، كموت أمها منذ عدة سنوات وهجرة أخيها إلى أمريكا، بمن فيهم البقال الذي يقع دكانه في نهاية الشارع ولا يبيع – كما تقول أمي – سوى البضاعة المغشوشة.
***
كبرنا. تزوجت أختي وكف لؤي عن اللعب، ظل الجيران على حالهم من التجهم. وظلت جارتنا محتفظة بوجهها الصبوح. التغيير الوحيد الجميل، أن شرفة جارتنا امتلأت بكثير من النباتات الخضراء، وجفت نباتات كل الجيران.